Sunday, February 06, 2011

لعبة النظام

عندما اندلعت شرارة الثورة في يوم 25 يناير شعرت أن الروح عادت إلي، شعرت أن كرامتنا عادت إلينا
وعندما حوصر شبابنا وشن عليهم بلطجية النظام حرب غير شريفة على مرأى ومسمع من " جيشنا الهُمام"
كان جل ما أخشاه حدوث مذبحة في التحرير للقضاء على كل من امتلك الشجاعة وقال لا
تابعت غير مصدقة الحجارة والمولوتوف وحتى الرصاص ينهال على الشباب الأعزل
شعرت بالعجز وأنا اسمع استغاثات الشباب يطلبون الإسعافات الأولية والمواد الطبية
وبكيت عندما اكتشفت أن جنرالات الجيش المصري لم يستطيعوا التخلي عن الامتيازات المادية التي انتفخت بها جيوبهم طوال عقود
لكن حتى هذا الوقت كانت مشاعري موزعة بين الأمل والرجاء
حتى عندما بدا واضحا للعيان أن الجيش المصري عقد لنفسه صفقة مع النظام تضمن له السيطرة على الأمور من خلال رئاسة الوزراء، نائب الرئيس، معظم المحافظين، إلخ، حتى ذلك الوقت كنت مازلت أعول على ازدياد الضغط الشعبي باعتباره ورقة الضغط الوحيدة بعد أن تخلي الجيش وتخلي الغرب عن مساندة الثورة واصبحت مصر كما قال زوجي "يتيمة" فلا أميركا ولا إسرائيل ولا أنظمة الدول العربية المجاورة تريد لثورتها أن تنجح
لكن تعليق أحد أبنائي (ذو الخمسة أعوام) على الأحداث في مصر جعلني أدرك لعبة النظام الواضحة
قال لي: هؤلاء الناس يحملون الأعلام ويتظاهرون لكن لا شيء يحدث
سألته: وما الذي تريد أن يحدث؟
رد قائلا: يقبضوا على الرئيس ويحبسوه في القفص
فعلا، شباب مصر ورجالها ونسائها وحتى أطفالها يصرخون بأعلى صوتهم "مش هنمشي.. هو يمشي"، يتظاهرون، يعتصمون، يقذفون بالحجارة والرصاص، ويموتون، ثم ماذا؟ مبارك باق والنظام باق.
لماذا؟ لأن النظام مازال يتعامل باستراتيجية "الكلب ينبح والقافلة تسير"
وهكذا تعهد رئيس الوزارء المصري بضمان "حرية النباح" لشباب ميدان التحرير
إن النظام يعول على تراجع الزخم الشعبي المؤيد لموقف الثوار بعد أن يصاب الناس "بالزهق" من استمرار الوضع الراهن
أدركت وقتها أن الطريق أمام تغيير النظام مازال طويلا ومليئا بالدماء
تركز أملي بعد هذا "الاكتشاف" في أن يرحل مبارك حتى لو بقي النظام
ليظل في ذهن كل شاب مصري أنه استطاع بصوته أن يُسقط "الرئيس"
وليظل في ذهن كل مسؤول مصري أن الشعب المصري أصبح "يعض" أيضا ولا ينبح فقط
لكن يبدو أن كل أوغاد النظام يدركون ذلك أيضا، لا يريد أحد منهم، حتى الطامعين في السلطة، أن يسقط الرئيس
يريدون حرماننا حتى من هذا النصر الرمزي
هل يفلحون في ذلك؟ الطرف الوحيد الذي يستطيع الرد على هذا السؤال هو الطرف الصامت الملتزم لبيته، هو بقية الثمانين مليون الذين فضلوا اتخاذ موقف "المراقب" لكل ما يجري
النظام يدعي أن هؤلاء معه وأنا أزعم أن أغلب هؤلاء وليس كلهم مع ثوار التحرير
هل يا ترى سيتحرك هؤلاء أم سيستمرون في صمتهم لتفشل بذلك أول ثورة شعبية في تاريخ مصر الحديث؟ الله وحده يعلم

وختاما "شبه قصيدة" لا أعرف كاتبها وجدتها تُعبر عن حالي أنا التي أنعم بالحياة الهادئة في بيتي خارج مصر وقلبي يصرح "غصب عني مش بخطري يا مصر"

معقول بعد ما رجعت لينا الروح
نرجع تاني بيوتنا ونخاف من البوح؟
هان عليكي يا مصر ولادك
اللي طلعوا يوم 25 يهشوا كلابك؟
معقول يا مصر تاني ترجعينا للجحور
بعد ما عملوها ولادك وكشفوا المستور
إحنا النهاردة اكتشفنا نفسنا من تاني
طلعنا شجعان وجدعان وفدائيين
حرام عليكي يا مصر تبيعينا للخاينين
الناس بتقول عايزين نرجع نعيش في أمان
الاقتصاد المصري خسر الملايين
هما يعني شباب التحرير كانوا هما اللي خرجوا البلطجية من السجون
ولا هما اللي قطعوا الانترنت وخسروا مصر تسعة مليون
طول عمر الحكومة بتسرقنا وبنسكت
طول عمر الشرطة بتضربنا وبنصمت
ما تفوقوا بقى يا ناس وتفهموا اللعبة
أنا مش بادعي الشعر ولا أنا فيلسوف
أنا بس من غلبي باكتب ولو إني مكسوف
أشرف وأشجع ولادك يا مصر في التحرير
وأنا قاعد هنا في الغربة أكتب المواويل

2 comments:

  1. بعد ما سمعت منك آثار سقوط الرئيس، النفسية على الأقل، بقيت بتمنى إن ده يحصل. مع إنى لسه عندى أمل فى التغيير طول ما هما صامديين هناك فى التحرير. بس فى الحقيقة متخوفة و حاسة إن الخطوة الجاية من جانب النظام عايزة تضحية جديدة وعايزة حاجة أكبر و أكتر من المسيرات المليونية. ورغم إنى فى مصر مش قادرة أشاركهم و كل إلى قادره عليه إنى أدعى لهم و أدافع عنهم ضد كل واحد يتهمهم بالعمالة أو السذاجة أو عالأقل وقف الحال. ربنا ينصرهم و ينصرنا ويقوم على إيدينا الأمة

    ReplyDelete