Wednesday, April 01, 2009

Demascus

I saw this magnificent play at El Saway Culture Wheel last Sunday. I was fascinated by it and since then I've been thinking about it a lot. I thought of sharing it with you and may be writing a review, but as I'm not an expert or even a good critic I stepped back. Then I read this really good and expressive review today and decided to share it with you. May be those outside Egypt may have a chance to watch the play. Enjoy!




دمشق‏..‏ المسرحية الزائرة
بقلم : محمد سلماوي


كيف مرت هكذا مرور الكرام هذه المسرحية الرائعة التي جاءت من بريطانيا لتعرض في القاهرة ليلتين ضمن جولة لها في الشرق الأوسط زارت خلالها بيروت وعمان ودمشق وتزور بعد القاهرة تونس والاراضي الفلسطينية المحتلة؟

إنها مسرحية دمشق التي كتبها المؤلف المسرحي البريطاني ديفيد كريج وعرضت بنجاح في كل من إدنبرة ولندن ونيويورك وموسكو‏,‏ وهي تنتمي الي فئة قليلة العدد من الأعمال المسرحية والفنية الغربية التي تحاول تقديم صورة للعرب مغايرة لتلك النماذج النمطية التي تزخر بها بقية الأعمال الفنية المستقاة من وسائل الاعلام التي لا تبحث إلا عن الإثارة والتشويق‏.‏

ولقد سبق أن شاهدنا لمسرحي بريطاني آخر هو ديفيد هير مسرحيات عظيمة تنتمي لهذا التقليد‏,‏ كما ظهرت بعض المسرحيات الأخري في بريطانيا وخارجها بعد حرب العراق تقدم موقفا ناقدا لهذه الحرب لكنها ستظل حتي الآن الإستثناء وليست القاعدة‏.‏

وتروي مسرحية دمشق قصة بول الاسكتلندي الذي يصل الي دمشق لعقد صفقة مع مسئولي التعليم في سوريا لبيع كتب جديدة لتعليم اللغة الانجليزية للطلبة في المدارس‏,‏ وهو متأفف بعض الشيء لوجوده في منطقة حرب كما يوصف الشرق الأوسط في النشرات الإخبارية الغربية‏,‏ بالاضافة الي أن وصوله يتوافق مع يوم عيد الحب فالنتاين الذي كان يفضل ان يقضيه مع زوجته في بريطانيا‏,‏ بدلا من أن يمضيه في مفاوضات مضنية لانقاذ كتبه الخاصة بتعليم الانجليزية من براثن الرقابة المفروضة علي كل شيء في هذه المنطقة من العالم‏.‏

لكن سرعان مايكتشف بول مع تقدم أحداث المسرحية أن الشرق الأوسط ليس المنطقة الخطيرة المليئة بالحروب وبالعنف والإرهاب حسبما تصورها أجهزة الإعلام‏,‏ وحسنا فعل المخرج ان جعل ساحة الاستقبال بالفندق الذي ينزل به بول والذي تجري فيه جميع أحداث المسرحية‏,‏ تتضمن في خلفيتها شاشة تليفزيونية كبيرة تعرض الأحداث المضطربة التي تقدمها أجهزة الإعلام طوال الوقت عن الشرق الأوسط والتي تتعارض تماما مع المناخ السائد في بهو الفندق‏,‏ وهكذا يسقط المؤلف أول حجر في ذلك البناء الزائف الذي يتصور الناس في الغرب أنه يمثل حقيقة الأوضاع في الشرق الأوسط‏.‏

وحين يصطدم بول بقائمة الممنوعات التي تفرضها الرقابة علي كتب تعلم الانجليزية التي يقدمها نكتشف من خلال المناقشة ان المطلوب حذفه من هذه الكتب ماهو إلا المفاهيم الخاطئة التي لا تأتي إلا من عقل يجهل تماما حقائق الوضع في هذه المنطقة من العالم‏,‏ وبهذا المعني يبدو وكأن العقل الغربي هو الذي يفرض الرقابة علي الحقيقة‏.‏

وتتعرض المسرحية أيضا من خلال شخصية زكريا موظف الاستقبال الشاب بالفندق الي تلك الفكرة النمطية السائدة عن الشباب العرب والذين تصورهم علي انهم مهووسون بالجنس ولا يسعون إلا لإقامة علاقات مع السائحات الأجنبيات‏,‏ فأول شيء يسأل عنه زكريا حين تتوطد علاقته قليلا بـ بول هو إن كانت أية فتيات قد حضرن معه من اسكتلندا‏,‏ ثم نراه بعد ذلك حين يتعرف علي فتاتين أمريكيتين يطلب منهما الصعود الي احدي غرف الفندق في التو واللحظة‏,‏ وقد صورت هذه الشخصية الكوميدية بطريقة تثير التعاطف معها بشكل كبير خاصة حين نعرف كيف ان الفتاتين الأمريكيتين اللتين لا نراهما قد أمضتا السهرة تسخران منه‏.‏

لكن مع تقدم أحداث المسرحية فإن بول البريطاني المتحضر الذي جاء ساعيا لتعليم العرب اللغة الانجليزية مثلما سعت بلاده مع الولايات المتحدة لتعليمهم الديمقراطية في العراق‏,‏ يطلب من مني التي بدأ يشعر نحوها بالعاطفة أن تصعد معه الي غرفته بالفندق في التو واللحظة‏,‏ وهنا تسقط تلك الفكرة النمطية عن الشباب العرب ويبدأ المتفرج يسأل نفسه إن كان البشر جميعا متشابهين في أحاسيسهم الطبيعية‏.‏

علي أن أهم ما تسقطه المسرحية من أكاذيب حول العرب هو تلك العلاقة الأبوية التي كثيرا ما سعي الغرب لاستخدامها من أجل الوصايا علي الشرق الأوسط من خلال الاستعمار الذي كان يقوم دائما علي دعاوي بالية بأنه يسعي لتمدين الدول التي يستعمرها‏,‏ فرسول التعليم في هذه المسرحية والذي يسعي لتعليم السوريين اللغة الانجليزية هو الشخصية الوحيدة في المسرحية التي لا تتحدث إلا لغة واحدة هي لغته‏,‏ بينما وجدنا بقية الشخصيات لا تتحدث إليه بلغتها وانما بلغته هو‏,‏ أي الانجليزية وبعضهم يتحدث الفرنسية أيضا‏,‏ حتي ذلك الشاب زكريا الذي لا يجيد أي شيء في حياته نجده يتمكن بانجليزيته الركيكة من أن يتفاهم مع النزيل الاكستلندي‏,‏ بينما نجد هذا الاخير يعاني طوال الوقت من محاولة توصيل مايريد التعبير عنه لمن حوله‏.‏

ولأن المسرحية لاتسعي لتزييف الحقيقة في الشرق الأوسط فهي لا تقتصر فيما تقدمه علي الحقائق الايجابية وحدها وانما تحرص علي تقديم الحقيقة بشقيها الايجابي والسلبي‏,‏ فهي أولا تتحدث عن عظمة مدينة دمشق التي تعتبر أعرق مدن العالم والتي بنيت بشكل آدمي وليس بشكل آلي كالمدن الحديثة‏,‏ ثم هي تتحدث عن جمال مساجدها القديمة وروعة جبل قسيون‏,‏ أما القيمة الكبري في هذه المسرحية فهي البشر أنفسهم الذين يظهرون بشكل يجعل المتفرج يتعاطف معهم باعتبارهم أكثر انسانية وربما أيضا أكثر تحضرا‏.‏

والمسرحية لا تغفل أن هناك احتلالا إسرائيليا تعاني منه الأراضي العربية سواء في سوريا أو لبنان أو فلسطين‏,‏ وأن هناك غيابا للكثير مما يتطلع اليه الانسان العربي من حرية وديمقراطية وفرصة للعيش الكريم ولتحقيق ذاته في المجتمع‏,‏ وفي هذا فإن زكريا الذي ينتحر في نهاية المسرحية هو التجسيد الحي لذلك الشعور بالاحباط الذي ينتشر في المنطقة‏,‏ بينما تجسد مني غياب الحريات الشخصية ويجسد وسيم ازدواجية المثقف العربي‏,‏ لكنهم جميعا يقدمون شخصيات رائعة هي بالتأكيد أكثر رقيا من رسول الحضارة البريطاني الذي حين يأتي وقت مغادرته البلاد يشعر بضآلته المتناهية التي تتناقض تماما مع زهوه وثقته بنفسه في بداية المسرحية والاستخفاف الذي كان يعامل به أهل البلد آنذاك‏.‏

لقد كان علينا أن نحتفي احتفاء أكبر بهذا العرض المسرحي المهم فعروض المسرح البريطاني لا تأتينا كل يوم وهي حين تأتي لا تكون بروعة هذا العرض وما يقوم عليه من فكر جديد كان علينا التفاعل معه بشكل أفضل بأن نعطيه فرصة للعرض أكبر من الليلتين اللتين عرض خلالهما علي مسرح ساقية الصاوي بالزمالك‏.‏