Saturday, September 14, 2013

ساكن في حي السيدة

أنا هنا ليه؟!

الحمد لله هذا السؤال غير مرتبط بالهدف من وجودي على الأرض وفي هذه الحياة فقد توصلت لإجابة هذا السؤال منذ فترة طويلة واقتنعت بأسباب وجودي وأعمل يومياً من أجل تحقيقها. لكن السؤال المحير لمذا أنا هنا، في هذا المحيط، في هذه المنطقة بالذات؟ حتى سنتين مضتا لم يعجبني السكن بمنطقة السيدة زينب كثيراً، كنت أشعر دائماً بالمعاناة من الخصائص "المميزة" للمناطق الشعبية من ضوضاء وعراك وأفراح وليالي ملاح للساعات الأولى من الفجر (ويا سلام لو عندي امتحان تاني اليوم) ولا أشعر بالمميزات التي أقرأ عنها في الكتب وأراها في الأفلام القديمة من نخوة أهل هذه المناطق ومميزات الجيرة والعشرة ..إلخ. أما الحسنة الوحيدة التي استمتعت بها ولا أزال فهي القرب من كل شيئ تقريباً، فأستطيع خلال عشرين دقيقة أن أكون في وسط البلد وخلال دقائق أقل أصبح في قلب القاهرة الفاطمية وبالقرب مني محطتان لمترو الأنفاق ومحطة أتوبيس توصل لمعظم أنحاء القاهرة.

بدأت الوصول لإجابة السؤال مع بدايتي في العمل التطوعي، ففي أحد الاجتماعات التحضيرية لمشروع محو الأمية أخذنا نفكر في منطقة نبدأ بها العمل وتم الاستقرار على السيدة زينب لأنها المنطقة الشعبية الوحيدة التي يسكنها أحد أعضاء الفريق ومن المحتمل وجود عدد كبير من الأميين بها. ومن هنا بدأت رحلتي في التعرف على منطقة السيدة زينب التي اكتشفت أني أعيش على أطرافها.

اكتشفت عمق السيدة زينب، فالشوارع التي كنت أراها وأعتقد أن لا شيئ وراءها اكتشفت عوالم كبيرة خلفها. فمثلاً الشوارع الضيقة المتفرعة من شارع السد تؤدي إلى مناطق سكنية واسعة ومن شارع صغير بجوار مسجد السيدة زينب، لم أظن يوماً أنه يفضي إلي شيئ، تجد نفسك في منطقة قلعة الكبش.
  
في بداية رحلة استكشافي للسيدة زينب كنت أمشي في الشوارع بحرص وحذر وأخشى سؤال أي عابر عن الطريق حتى لا يفتضح أمري ويبدو أني لست من المنطقة ومع الوقت أدركت كيف أنني في كثير من الأحيان كنت أدور حول نفسي وأصل للأماكن التي أريدها عن طريق رأس رجاء الصالح!

أذكر يوماً حديث أحد الشباب المتطوعين عن أن ميزة منطقة السيدة زينب وعابدين والمناطق الشبيهة بهما، أن هذه المناطق بها المشكلة والحل، بها من هو يحتاج إلى المساعدة ومن هو قادر على تقديمها. بدت لي في هذه الجملة وصفة سحرية لحل كل مشكلات الحي وأصبحت أفكر في كل ما أستطيع عمله من هذا المنطلق.

اليوم وبعد مرور سنتين تقريباً على انغماسي في العمل بالمنطقة، أصبحت أقابل العديد من الناس في الشارع الذين يتوقفوا لتحيتي والسؤال عن أحوالي وتذكرت كم كان يبهرنا هذا المشهد أنا وأخواتي ونحن صغار في مدينة فايد، عندما نذهب في الإجازات حيث كان أبي يعمل، ونفكر كيف أنه شخصية شهيرة يعرفه كل سكان المدينة!

واليوم أيضاً ورغم عدم زوال كل أسباب استيائي من المنطقة ، فلا أظن أنني أريد الرحيل عن هنا..فمازال أمامي الكثير لإنجازه!


مسجد السيدة زينب في قلب الميدان