Monday, October 10, 2011

ليل مصر الطويل


عندما صعدت في سيارتي اليوم تفاديت الاستماع إلى الأخبار في الراديو كما هي عادتي كل صباح. فقد نمت على أخبار الصراع المتحدم بين الأقباط المتظاهرين أمام بمنى ماسبيرو وبين قوات الشرطة والشرطة العسكرية. الأمر الذي اصابني بعدة كوابيس تدور كلها حول مؤامرات لاستبعاد أشخاص أعرفهم من الانتخابات القادمة.
حاولت تناسي ما يجري على أرض الواقع في مصر واخترت أن أعيش في حياة موازية عن مصر لا يوجد فيها صراع طائفي عبر الاستماع إلى شريط "حبيبتي" لمحمد منير واهمة نفسي أن مصر مازالت بخير. لكن غصة اصابتني واعادت إلى ذهني أحداث الأمس وأنا اسمع منير يردد "مين اللي يمنع النور يرفرف تاني حوالينا... ومين... مين... مين اللي يمنع الخير يبوس الفاس في اراضينا". وتساءلت معه مين؟ من الذي لا يريد عودة الأمن إلى الشارع المصري؟ من الذي "يتحكم" في هذا "الانفلات" الأمني الذي هو السبب الرئيسي في تصاعد أحداث الأمس وزيادة التوتر الطائفي؟ يبدو الأمر لغزا يحتاج إلى شيرلوك هولمز لحله. إن حكومتنا "المؤقتة" ووزير ماليتها الدكتور حازم الببلاوي يصدعون رؤسنا يوميا بالحديث عن رؤوس الأموال الأجنبية التي تهرب من مصر والسياحة التي تراجعت كثيرا وووو غيرها من الكوارث التي يحملون مسؤوليتها لبضعة مئات من المتظاهرين. ويتجاهلون بذلك السبب الواضح وضوح الشمس لكل ذلك وهو "الغياب الأمني". أين هم رجال الشرطة؟ لماذا لا يقومون بدورهم؟ سؤال يطرحه كل مصري ولا جواب. مرة يقولون رجال الشرطة "نفسهم مكسورة" مرة يقولون "لا يريدون الاحتكاك بالناس" وأسباب أخرى كثيرة من عينة "الحجج الفارغة". لماذا لا يريدون أن يقولوا لنا صراحة أن رجال الشرطة لا يريدون القيام بدورهم "شماتة" فينا وأنهم إما أن ينزلوا إلى الشارع كأنصاف آلهة، على حد تعبير أحد الكتاب المصريين المحترمين، كما كانوا أو لا ينزلوا. ورغم كل ذلك هناك مليون حل وحل لهذا الوضع، لماذا لا يسارعون بتخريج دفعات جديدة من كليات الشرطة مثلا ويتم احتساب هذا العام تدريب عملي لهم؟ إذا كان يخشون على الخرجيين الجدد من "كسر النفس" يمكن أن يرتدوا ملابس مختلفة تميزهم عن الشرطة العادية ليعرف الناس أن هؤلاء لسه "طازة" ولم تتلوث أياديهم بدماء المصريين "بعد". هذا مجرد اقتراح من مئات الاقتراحات التي قدتمها شحصيات عامة لها احترامها كحل للوضع الراهن، لكن لا حياة لمن تنادي.
الشريط مازال يدور وأنا استمع إليه بنصف عقل والنصف الآخر يشدني للتفكير في ليل مصر الذي طال ولا يبدو له آخر. وهذه الكرة لم استطع ان أغالب دموعي وأنا اسمع محمد منير يقول "أهي قامت مصر بتقلع توب الذل.. أهي صحيت مصر يا ناس قدام الكل.. بتنادي في المخلصين.. نصارى أو مسلمين.. نبت الغيطان الطين".
دائما كان هذا الشريط يعيد إلي الأمل في مصر جديدة عظيمة لكني هذه المرة بالذات لم استطع أن أردد مع محمد منير :



هي.. لما بتضحك
هي.. لما بتبكي
هي.. لما تنادي
هي.. لما بتشكي
هي هي.. وتقول ولادي
هي هي.. نجري عليها
مد الايادي.. هي هي
ونبوس اديها
هي هي هي.. يا عم هي
هي هي هي.. ست الكل هي
والفجر لو جه ولا ماجاش
الفجر عمره ما يجي بلاش
وحتى لو ننسى ميعاده
الفجر فاكر ما بينساش
ولما يدن صوت الديك
تترشق الجدران شبابيك
تونسك ضحكة صوتها
ويصحي صوتها احلى ما فيك


ربما لأن مصر لم تعد "هي" وربما لأني لم أعد أؤمن بهذ الفجر الذي طالما تغنينا به

No comments:

Post a Comment